جدري القردة

22 أغسطس, 2024 - معلومات طبية

في ظل انتشار العديد من الأمراض الفيروسية في العصر الحديث برز فيروس جدري القردة كواحد من الأمراض التي أثارت قلق الخبراء والصحة العامة حول العالم و رغم أنه ليس جديدًا بشكل كامل إلا أن هناك زيادة في عدد الحالات المكتشفة مؤخرًا مما يثير التساؤلات حول أسباب انتشاره وطرق الوقاية منه.  

 

جدري القردة Large


 

ما هو فيروس جدري القردة؟  

فيروس جدري القردة هو فيروس نادر من فصيلة الفيروسات الجدرية، يرتبط بفيروس الجدري البشري ولكنه أقل شدة منه. تم اكتشافه لأول مرة في عام 1958 عندما ظهر بين مجموعات من القردة التي كانت تستخدم في الأبحاث العلمية، ومن هنا جاءت تسميته. لكن، تم تسجيل أول حالة إصابة بشرية في عام 1970 في جمهورية الكونغو الديمقراطية.  

كيفية انتقال الفيروس  

ينتقل فيروس جدري القردة في الأصل من الحيوانات إلى البشرو يمكن أن يكون مصدر الفيروس حيوانات مثل القوارض أو الرئيسيات (القردة) يحدث الانتقال عادةً من خلال:  

  • التعامل المباشر مع الحيوانات المصابة : سواء من خلال لمسها أو عضها.  
  • تناول لحوم الحيوانات البرية غير المطهية بشكل جيد .  
  • التعامل مع سوائل الجسم أو الجلد المتقرح للمصابين .  

أما بين البشر فإن الفيروس ينتقل من خلال:  

  • الاتصال المباشر : مع الجلد المتقرح أو سوائل الجسم للشخص المصاب.  
  • قطرات التنفس : التي تنتقل عند السعال أو العطس.  
  • الأدوات الملوثة : مثل الفراش أو الملابس التي استخدمها المصاب.  

الأعراض والعلامات السريرية  

تظهر أعراض جدري القردة بعد فترة حضانة تتراوح بين 5 إلى 21 يومًا و تتميز الأعراض بظهور مرحلتين رئيسيتين:  

  1. المرحلة الأولية (المرحلة البادرية):  
    • الحمى : غالبًا ما تكون أول علامة على الإصابة.  
    • الصداع .  
    • آلام العضلات والمفاصل .  
    • التعب العام .  
    • تضخم الغدد اللمفاوية : وهي علامة مميزة لجدري القردة مقارنةً بالجدري البشري.  

 

  1. المرحلة الثانية (الطفح الجلدي):  
    • يظهر الطفح بعد يوم إلى ثلاثة أيام من بداية الحمى.  
    • يبدأ الطفح عادةً على الوجه ثم ينتشر إلى باقي أجزاء الجسم.  
    • يتطور الطفح تدريجيًا من بقع حمراء مسطحة إلى بثور مملوءة بالسوائل ثم قروح قبل أن تجف وتترك قشورًا.  

التشخيص والعلاج :  

- يتم تشخيص جدري القردة بناءً على الأعراض السريرية وتأكيدها من خلال اختبارات مختبرية مثل اختبار تفاعل البلمرة المتسلسل (PCR) للكشف عن الحمض النووي للفيروس.  

- حتى الآن لا يوجد علاج مخصص لجدري القردة ولكن هناك بعض العلاجات التي تساهم في تخفيف الأعراض و يعتمد العلاج على:  

  • الراحة التامة .  
  • المسكنات وخافضات الحرارة .  
  • العناية بالجروح : لمنع العدوى الثانوية.  

الوقاية :  

- الوقاية من جدري القردة تعتمد بشكل كبير على تجنب الاتصال مع الحيوانات المحتمل أن تكون مصابة وكذلك مع المصابين. تشمل إجراءات الوقاية:  

  • تجنب الاتصال المباشر : مع الحيوانات البرية خاصة في المناطق التي ينتشر فيها الفيروس.  
  • استخدام الأدوات الواقية : مثل القفازات والأقنعة عند التعامل مع المرضى.  
  • الحفاظ على النظافة الشخصية : غسل اليدين بانتظام.  
  • اللقاحات : على الرغم من أن لقاح الجدري البشري يمنح حماية جزئية، إلا أن هناك لقاحات جديدة مخصصة قيد التطوير.  

الوضع الحالي وانتشار الفيروس :  

- خلال العقود الماضية كانت معظم حالات جدري القردة محصورة في مناطق غرب ووسط إفريقيا. لكن في السنوات الأخيرة تم تسجيل حالات في مناطق أخرى من العالم، مما يشير إلى احتمالية تغير في ديناميكيات انتشار الفيروس و يعتبر السفر الدولي وتهريب الحيوانات البرية من العوامل المحتملة لهذا الانتشار.  

1. الفئات العمرية الأكثر عرضة للإصابة :  

- على الرغم من أن جدري القردة يمكن أن يصيب الأشخاص من جميع الأعمار إلا أن الأطفال والشباب هم الأكثر عرضة للإصابة و خاصة في المناطق التي ينتشر فيها الفيروس بشكل متوطن يعزى ذلك جزئيًا إلى عدم تلقيحهم ضد الجدري البشري حيث أن الأشخاص الذين تم تطعيمهم ضد الجدري البشري في الماضي قد يكون لديهم بعض المناعة ضد فيروس جدري القردة.  

2. دور الحيوانات الأليفة في نشر الفيروس :  

- رغم أن الحيوانات البرية مثل القوارض والرئيسيات هي المصادر الرئيسية للفيروس، فإن هناك مخاوف من إمكانية انتقال الفيروس إلى الحيوانات الأليفة مثل القطط والكلاب. يمكن لهذه الحيوانات أن تصبح حاملة للفيروس وتنقله إلى البشر إذا لم يتم التعامل معها بحذر.  

3. فيروس جدري القردة وفيروس كورونا: أوجه الشبه والاختلاف  

- هناك بعض أوجه الشبه بين فيروس جدري القردة وفيروس كورونا المستجد (SARS-CoV-2)، بما في ذلك طرق الانتقال والظهور المفاجئ في مناطق جديدة  

 ومع ذلك يختلف الفيروسان من حيث التركيب الجيني وشدة الأعراض  

- جدري القردة أقل انتشارًا وشدة مقارنة بكورونا ولكنه يثير قلقًا بسبب إمكانية انتقاله من الحيوانات إلى البشر.  

4. معدل الوفيات ودرجة الخطورة :  

- تتفاوت معدلات الوفيات الناجمة عن جدري القردة بحسب السلالة المنتشرة.  

- السلالة التي تنتشر في وسط إفريقيا تعتبر أكثر خطورة بمعدل وفيات يصل إلى 10% بينما السلالة الموجودة في غرب إفريقيا أقل فتكًا بمعدل وفيات يتراوح بين 1% إلى 3%. رغم ذلك فإن معظم الحالات تنتهي بالشفاء التام.  

5. البحث والتطوير في اللقاحات :  

- مع تزايد عدد الحالات المبلغ عنها تسارعت جهود البحث لتطوير لقاحات فعالة ضد جدري القردة.   

بالفعل هناك لقاحات جديدة قيد التجارب السريرية تعتمد على تقنيات حديثة، مثل اللقاحات الجينية والتي يمكن أن توفر حماية أفضل ضد الفيروس.  

6. تأثير تغير المناخ على انتشار الفيروس :  

- يشير بعض الباحثين إلى أن تغير المناخ وتدمير المواطن الطبيعية للحيوانات يمكن أن يسهم في زيادة حالات جدري القردة. مع تدمير الغابات، قد تزداد فرص التفاعل بين البشر والحيوانات البرية المصابة، مما يؤدي إلى زيادة انتقال الفيروس.  

7. الوصمة الاجتماعية والتحديات النفسية :  

- في بعض المجتمعات يمكن أن ترتبط الإصابة بجدري القردة بالوصمة الاجتماعية مما قد يؤدي إلى عزل المصابين وتجنبهم من قبل الآخرين و هذه الوصمة يمكن أن تؤدي إلى مضاعفات نفسية مثل :   

( القلق - الاكتئاب ) مما يضيف تحديات إضافية لعملية التعافي.  

8. تأثير الفيروس على الاقتصاد العالمي :  

- إلى جانب التأثير الصحي يمكن أن يكون لجدري القردة تأثير اقتصادي ملحوظ خاصة إذا انتشر على نطاق واسع و القيود الصحية على السفر وتوقف الأنشطة التجارية في المناطق المتضررة قد يؤدي إلى اضطرابات اقتصادية مؤقتة.   

- من جهة أخرى يمكن أن تزيد تكاليف الرعاية الصحية نتيجة التعامل مع انتشار الفيروس.  

9. الطب التقليدي وطرق العلاج البديلة :  

- في بعض المناطق التي ينتشر فيها الفيروس يلجأ الناس إلى الطب التقليدي والعلاجات العشبية لمواجهة الأعراض رغم أن هذه الأساليب قد توفر راحة مؤقتة إلا أنها لا تحل محل الرعاية الطبية الحديثة ومن الضروري متابعة العلاج الطبي تحت إشراف متخصصين.  

10. دور الإعلام في نشر الوعي :  

- يلعب الإعلام دورًا حيويًا في نشر المعلومات الصحيحة حول جدري القردة مما يساعد على تقليل انتشار الفيروس وتجنب الذعر غير المبرر.  

 من المهم أن تعتمد وسائل الإعلام على مصادر موثوقة وتجنب المبالغة أو التهويل في تغطية الفيروس.  

 

  • في النهايه فيروس جدري القردة يُعتبر تحديًا جديدًا في مجال الصحة العامة، ويجب التعامل معه بجدية لتجنب تحوله إلى جائحة عالمية. رغم أن الفيروس ليس بنفس شدة أو سرعة انتشار بعض الفيروسات الأخرى، إلا أن الوقاية والتوعية تبقى الركيزة الأساسية للحد من انتشاره. لذلك، يجب على الأفراد الالتزام بتوصيات الصحة العامة ومتابعة المستجدات الصحية باستمرار.   
     
Tags: جدري القرود, جدري, انفلوانزا, فايروس, صحة